شدّدت وزارة الشؤون الإسلامية على اعتصام المسلمين بكتاب الله تعالى وسُنة رسوله الكريم، بوصفهما الركيزتين الأساسيتين لوحدة الصف وتماسك المجتمع، مؤكدة أن من أعظم مقاصد الشريعة الإسلامية تحقيق التآلف والتواد والتراحم بين المسلمين.
وأشارت الوزارة، في خطبة الجمعة المعممة على المساجد ليلقيها الخطباء، إلى أن «من أعظم المسائل الشرعية والآداب المرعية التي حرصت عليها الملّة المحمدية، تواد المسلمين وتآلف قلوبهم، ونشر الرحمة والمودة والمحبة بينهم، وأن يكونوا في دين الله إخوانا، فشرع الشارع الحكيم إقامة الجمعة والجماعات، والفرح بالأعياد والمناسبات، وأمر بالزكاة والصدقات، وحث على تفريج الكربات وإعانة ذوي الحاجات، ورتب الأجور على إدخال السرور في قلوب المسلمين والمسلمات»، مبينة أنه «قد جاءت الأوامر الشرعية، والنصوص من الكتاب والسُنة متضافرة متنوعة للعناية بهذا الأصل الأصيل، ألا وهو رعاية الأخوة الإسلامية وتقويتها، كقوله تعالى (إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم واتقوا الله لعلكم ترحمون)، وقوله تعالى (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألّف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخواناً)».
وجاء في الخطبة أنه «لأجل تقوية العلاقات بين المسلمين، حرصت الشريعة على أعلى أنواع العلاقات بين الخلق، علاقة الإنسان بوالديه، حتى قرن الله تعالى حقهما بحقه العظيم، فقال عز من قائل (أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير)، وفي حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي العمل أفضل؟ قال: (الصلاة لوقتها) قلت: ثم أي؟ قال (بر الوالدين). وجعل رضا الله تعالى مشروطاً برضاهما، ففي حديث عبدالله بن عمرو رضي الله عنهما، فيما رواه الترمذي وصححه الألباني، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (رضى الرب في رضى الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد)».
وأضافت «كما اعتنت الشريعة الإسلامية بالأرحام وحثت على صلتها، ورتبت الفضائل والأجور عليها، ففي الحديث المتفق عليه، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (مَنْ سره أن يبسط له في رزقه، أو ينسأ له في أثره، فليصل رحمه)، وحرمت الشريعة قطع الأرحام وتوعدت صاحبها بالعقوبة والطرد من رحمة الرحمن، قال الله تعالى (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم * أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم) وفي حديث أبي بكرة رضي الله عنه الذي رواه أبو داود والترمذي وصححه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخر له في الآخرة: من البغي وقطيعة الرحم)».
حُسن الخلق
وذكرت الخطبة أن «الشريعة الإسلامية أولت علاقة المسلمين بعضهم ببعض عناية كبرى واهتماماً بالغاً، ولذلك حثت حثاً متواتراً على حُسن الخلق مع الناس، وجعلت مقامه في أعلى المقامات، وصاحبه في أرفع الدرجات، ففيما رواه أبو داود وصححه الألباني، عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال صلى الله عليه وسلم (إن المؤمن ليدرك بحُسن خلقه درجة الصائم القائم)، بل إن حسن الخلق مع الناس موعود بالجنان عند الملك الديان، لما رواه الترمذي وصححه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة، فقال (تقوى الله وحسن الخلق)، وإنما يكون المسلم حسن الأخلاق، إذا كف عن الناس الأذى، وبذل لهم الندى، وكان متبسماً رفيقاً، حليماً شفيقاً، لا يسب ولا يلعن، ولا يغتاب ولا يطعن، صدوق اللسان قليل الكلام، يغفر الزلل ويعفو عمن ظلم، سليم الصدر من الغل والحسد والبغي والحقد».
وتابعت «فكما حثت الشريعة الإسلامية على كل ما يقوي العلاقات بين المسلمين، ويؤكد الأخوة الإسلامية بينهم، فقد نهت عن كل ما يمزق أواصرها ويفرقها ويهدم بناءها، فنهت عن اللمز والهمز، وعن الطعن والفحش في القول، قال الله تعالى (ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب)، وعن ابن مسعود رضي الله عنه فيما رواه الترمذي وصححه الألباني، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء)، وعن أبي الدرداء رضي الله عنه فيما رواه الترمذي وصححه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن، وإن الله ليبغض الفاحش البذيء)».
ختمت بالقول«اعملوا بوصية نبيكم الكريم وتمسكوا بها، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تحاسدوا ولا تناجشوا، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يبع بعضكم على بيع بعض، وكونوا عباد الله إخوانا، المسلم أخو المسلم لا يظلمه، ولا يخذله، ولا يحقره، التقوى ها هنا – ويشير إلى صدره ثلاث مرات – بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم، كل المسلم على المسلم حرام دمه، وماله، وعرضه)».