تصدرت الكويت قائمة «ميد» للأداء المالي لدول منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا- مينا، حيث حلت في المركز الأول خليجيا وإقليميا من حيث الحساب الجاري كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، اذ قدرتها المجلة بنسبة 30.3% في عام 2023، بينما توقعت ان تنخفض الى 27.7% في عام 2024.
وحلت الكويت في المركز الأول خليجيا وإقليميا بمعدل الميزان المالي كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي، اذ بلغت 14% في عام 2023، فيما قدرت المجلة ان تتراجع النسبة الى 9.5% في عام 2024، أما من حيث الناتج المحلي الاسمي فقد بلغ 159.9 مليار دولار في 2023 ليرتفع حسب التقديرات الى 167 مليار دولار في عام 2024.
ولكن الكويت كانت الوحيدة بين دول مجلس التعاون الخليجي الست التي سجلت نموا سلبيا في الناتج المحلي الاجمالي لعام 2023، وان كان ذلك بنسبة ضئيلة بلغت 0.6%، بينما قدرت «ميد» أن هذه النسبة سترتفع الى 3.6% في عام 2024.
وعلى صعيد متصل، ذكرت «ميد» أن اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا- مينا تمر بمرحلة خطيرة، حيث ألقت التوترات الجيوسياسية والكوارث الطبيعية بثقلها على اقتصادات المنطقة في عام 2023، وان هذه الاقتصادات تتجه لاستقبال عام 2024 وهي في حالة تغير مستمر.
وفي حين أن معظم هذه الدول تعتبر في وضع جيد لمواصلة مسار نموها بعد انتهاء مرحلة وباء كورونا، وإن كان ذلك في سياق ضعف نمو قطاع النفط، فإن بعض الدول وأبرزها مصر وتونس تتعرض لضغوط قوية بهدف إجراء إصلاحات مؤلمة من أجل الحصول على حزم تمويل من صندوق النقد الدولي.
وقالت «ميد»، بشكل عام، هناك آمال كبيرة في أن يتجاوز النمو في منطقة مينا، على الأقل الأداء البطيء الذي سجله في العام الماضي، وسيتطلع صناع السياسات في جميع أنحاء المنطقة أيضا إلى مضاعفة ديناميكية القطاع الخاص الذي شهد نموا غير نفطي يفوق أداء قطاع الهيدروكربونات في عام 2023.
وتشير توقعات صندوق النقد الدولي الاقتصادية الإقليمية إلى تباطؤ الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى 2% في عام 2023 من 5.6% في عام 2022، ويعزى ذلك إلى تأثير انخفاض إنتاج النفط وتشديد ظروف السياسة النقدية في الأسواق الناشئة والاقتصادات ذات المداخيل المتوسطة المنطقة، كما أثرت التوترات الجيوسياسية وخاصة الحرب الدائرة رحاها في غزة والكوارث الطبيعية في المغرب وليبيا على اقتصادات المنطقة.
وتشير تقديرات البنك الدولي إلى أن نمو الناتج المحلي الإجمالي في جميع أنحاء المنطقة، من حيث نصيب الفرد، انخفض من 4.3% في عام 2022 إلى 0.4% فقط في عام 2023، وبحلول نهاية عام 2023، ستعود 8 فقط من اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الـ 15 إلى مستويات نمو ما قبل أزمة الوباء. ويعتمد الكثير من النمو على التطورات في سوق النفط، ومن شأن قرار أوپيك+ في 30 نوفمبر بالموافقة على تخفيضات طوعية في الإنتاج أن يدعم الأسعار، ولكنه لن يكون بلا تكلفة.
وبشكل عام، كان النمو الاقتصادي في دول مجلس التعاون الخليجي فاترا، على الرغم من عودة ظهور النقاط الساخنة للخدمات، ويتوقع تقرير التحديث الاقتصادي لمنطقة الخليج الصادر عن البنك الدولي، والذي نشر في أواخر نوفمبر أن يبلغ نمو دول مجلس التعاون الخليجي 1% فقط في عام 2023، برغم توقعات بان يرتفع إلى 3.6% في عام 2024.
ومن المتوقع أن ينكمش نشاط قطاع النفط بنسبة 3.9% في عام 2024 نتيجة لتخفيضات إنتاج أوپيك+ المتكررة والتباطؤ الاقتصادي العالمي، وفقا لشركة كابيتال إيكونوميكس.
ومع ذلك، سيتم تعويض ضعف نشاط القطاع النفطي من خلال القطاعات غير النفطية، التي يتوقع أن تحقق نموا جيدا نسبيا يبلغ 3.9% في عام 2024، مدعوما بالاستهلاك الخاص المستدام، والاستثمارات الاستراتيجية الثابتة، وسياسة التيسير المالي.
وفي هذا السياق، قال الخبير الاقتصادي جارمو كوتيلين في مقابلة مع مجلة ميد «لم يكن هناك نمو كبير في الناتج المحلي الإجمالي هذا العام، لكن الاقتصاد غير النفطي كان قويا ومرنا بشكل مدهش، على الرغم من أن السيولة لم تكن محركا كبيرا كما كانت في العام السابق، وبالطبع ارتفعت تكلفة رأس المال وكانت هناك بعض القيود على السيولة، لكن لدينا الكثير من الزخم في الاقتصاد غير النفطي».
وأضاف «الحقيقة هي أن دول مجلس التعاون الخليجي لديها الكثير من رأس المال المخصص للاقتصاد القديم، وهناك سؤال حول مقدار ما يجب تطويره، أو جعله يعمل بشكل أفضل، لأن أحد التحديات الكبيرة التي تواجهها المنطقة بشكل أساسي هو أن الاقتصادات المحلية لديها مستويات منخفضة للغاية من الإنتاجية».
وزاد: «إنه من خلال تطوير امكانات دول مجلس التعاون الخليجي عبر دمج التكنولوجيا وكفاءة الطاقة، يمكن للمنطقة أن تجعل نمو الإنتاجية محركا قويا».
وأضاف ان أحد المجالات التي بدأت فيها اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي في إحراز تقدم هو مجال الخدمات بأنواعها اللوجستية، والسياحية، والخدمات المالية، وهو مجال يجذب الاستثمارات إلى المنطقة، لقد بدأنا أيضا نرى مصادر لتصدير محتملة جديدة بخدمات كالطاقة الخضراء، والهيدروجين الأخضر بشكل أوضح، لكن على دول الخليج أن تصنع المزيد، وفي الوقت ذاته عليها أن تصنع بشكل أفضل». وستظل السياسة المالية متساهلة وتتسم بالارتخاء، على الأقل بين البلدان المصدرة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، التي تمنحها إيراداتها النفطية قوة مالية أكبر.ويشير كوتيلين إلى أن هناك تغييرات أوسع نطاقا تشهدها السياسة المالية في دول الخليج، سيتحقق بعضها في عام 2024، فهناك مجالات ستلعب الحكومة دورا فيها، ولكن بطريقة أكثر انتقائية وتركيزا، ويتوقف الأمر الآن على تعزيز الإنفاق الحكومي الخليجي مقارنة بما كان عليه الحال في السابق.
بالنسبة لعام 2024، هناك إجماع على أن الناتج المحلي الإجمالي لمنطقة مينا يجب أن يسجل نموا بنسبة تزيد على 3%، وهذا أفضل من عام 2023، لكنه أقل بكثير من العام السابق، ويحذر صندوق النقد الدولي، من أنه غير كاف ليكون قويا أو شاملا بما يكفي لخلق فرص عمل لنحو 100 مليون شاب عربي سيبلغون سن العمل في السنوات الـ 10 المقبلة.