عندما نشرت صحيفة “ذا صن” البريطانية صورا حديثة لأميرة ويلز، كيت ميدلتون، وهي مع زوجها أمام متجر في وندسور خلال عطلة نهاية الأسبوع، قالت إنها تفعل ذلك “في محاولة لإنهاء أسابيع من التكهنات عبر الإنترنت التي شهدت تناسل نظريات المؤامرة بشأن كيت دون أي رادع”.
ونشرت “ذا صن” مقطع فيديو، الأمير ويليام، أمام متجر في وندسور، وعلقت الصحيفة بالقول: “شوهدت الأميرة كيت بالفيديو لأول مرة منذ الجراحة وهي تبدو سعيدة ومرتاحة أثناء رحلة التسوق مع ويليام. إنها تبدو رائعة! هذا ينبغي أن يسكت المتصيدين!”.
غير أن صحيفة “الغارديان”، قالت إن الفيديو المنشور، لم ينجح في كبح جماح الشائعات والأخبار المزيفة التي تروج بشأن الأميرة، مشيرة إلى انتشار فيديو على منصة “تيك توك”، بعنوان “هل تصدق أن هذه كيت ميدلتون؟”، تمت مشاهدته 3.5 مليون مرة، بعد نشر مقطع تسوق الأميرة.
“أين كيت؟”
“لا ليست كيت” و”أين كيت” و”أنا لست مهتما حتى بأفراد العائلة المالكة، وأعلم أنها ليست هي”، هذه عينة من بين نحو ألفي تعليق يذهب معظمها نحو التشكيك في صحة الفيديو الذي نشرته ذا صن، وأيضا الحالة الصحية للأميرة، فيما يذهب البعض الآخر بعيدا إلى حد اعتبار أنها ماتت بعد العملية الجراحية الأخيرة التي خضعت لها.
وفي يناير، قال قصر كنسينغتون في لندن إن الأميرة خضعت لعملية جراحية لحالة “غير سرطانية” غير محددة في البطن، ولن تستأنف مهامها الرسمية قبل عيد الفصح، إلا أن غيابها أدى إلى انتشار الشائعات التي تروج لنظرية المؤامرة على وسائل التواصل الاجتماعي بشأن صحتها.
وزاد هذا الوضع تعقيدا بعد أن أقرت بأنها قامت بتعديل صورة لها في عيد الأم في بريطانيا في العاشر من مارس، وفقا للغارديان.
وكانت الأميرة البريطانية قد نشرت الصورة، التي بدت فيها مبتسمة مع أطفالها الأميرين جورج ولويس والأميرة شارلوت، مرفقة بتقديم الشكر إلى الشعب على دعمه.
وفي اليوم التالي، قدمت اعتذارا على مواقع التواصل الاجتماعي عن “أي ارتباك” سببته صورة معدلة. وقالت: “مثل العديد من المصورين الهواة، أجرب أحيانا إجراء تعديلات”.
وكان مكان وجود الأميرة، والنظريات الغريبة المرتبطة بهذا السؤال، موضوعا لتكهنات محمومة عبر الإنترنت، كما اتضح من بيانات اطلعت عليها صحيفة الغارديان.
ووفقًا لشركة “براند منشنز” التي تراقب انتشار الوسوم “هاشتاغ” والكلمات الرئيسية عبر الإنترنت، تم على مدار الأيام السبعة الماضية، استخدام وسوم “كيت ميدلتون” و”أين كيت؟” و”جسم كيت المزدوج”، على حسابات بوسائل التواصل الاجتماعي وصفحات ويب يصل مجموع التفاعل معها إلى 400 مليون شخص.
واستعملت الوسوم المذكورة، أكثر من 5400 مرة، وتحديدا على منصتي إنستغرام وتيك توك. وجرت مشاركة المنشورات التي تحتوي عليها 2.3 مليون مرة وتم الإعجاب بها 2.2 مليون مرة.
وأشارت الصحيفة إلى أن الموضوع أثار جدلا عالميا على منصات التواصل الاجتماعي، حيث سجل أكبر تفاعل مع الوسوم الثلاثة على فيسبوك من خلال صفحة “إنديا توداي” الإخبارية، في حين يرجع التفاعل الأكبر معها على منصة إنستغرام، إلى حساب “دياريو ليبري” التابع لصحيفة في جمهورية الدومينيكان، والذي يضم 1.8 مليون متابع.
وذكرت الغارديان، أن من بين الأخبار المزيفة المرتبطة بقضية كيت على وسائل التواصل الاجتماعي، كان الإعلان قبل أيام على أن إعلانا ملكيا وشيكا سيصدر في وقت سابق من هذا الأسبوع.
وفتح هذا الخبر غير الصحيح الباب أمام سلسلة شائعات وأخبار مزيفة بشأن حدوث وفاة أو طلاق في العائلة المالكة، انطلقت في الانتشار تحديدا مع هاشتاغ يحمل اسم “الإعلان الملكي”، في وقت مبكر من صباح الاثنين.
وذكرت الصحيفة، أن الشائعات المرتبطة بالإعلان الملكي، انطلقت مع حساب يحمل اسم “Popapologists” يديره ثنائي يصف نفسهما بـ”الأختين لورين وتشان”، وهما من الولايات المتحدة على ما يبدو.
ونشر الحساب في 11 مارس الماضي، الحلقة الأولى من سلسلة مكونة من 32 جزءا بعنوان “أين هي كيت ميدلتون بحق الجحيم؟!؟”، والتي تمت مشاهدتها حتى الآن 6.1 مليون مرة. واجتذبت إجمالي مشاهدات يزيد عن 20 مليونا على تيك توك لوحده.
وفي أحد مقاطع الفيديو المنشورة في 16 مارس، قال الثنائي إنهما تلقيا “معلومات داخلية”، مفادها بأن هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي” “تم إخطارها لتكون جاهزة لإعلان ملكي مهم للغاية في أي لحظة”.
وتابعتا بالإشارة “هل تعرف ما هي الفعاليات التي تقوم بي بي سي بتغطيتها؟ حفلات الزفاف والجنازات والاحتفاليات الكبرى.. هل هناك أي عالم لم تعد فيه كيت معنا؟”.
وانتشرت هذه الادعاءات، وفقا للغارديان، على نطاق واسع، حيث حدد موقع “Snopes” لتدقيق الحقائق، الحساب كمصدر رئيسي لانتشار هذه الشائعة.
وقد التقطت صحيفة “نيوز إنترناشيونال” هذه التقارير، وهي صحيفة باكستانية تصدر باللغة الإنجليزية وتكتب على نطاق واسع عن العائلة المالكة، وساعدت في نشرها بشكل واسع.
وذكرت الصحيفة، أنها لم تجد أي حساب على “لينكد إن” و”فيسبوك” يرتبط باسم “ويلز أوستر” الذي حمل المقال اسمه، والذي نشر أكثر من 50 مقالا عن العائلة المالكة، خلال هذا الأسبوع فقط على موقع الصحيفة.
وفي 16 مارس، نشر أوستر مقالا إخباريا بعنوان “العائلة المالكة تنبه وسائل الإعلام البريطانية لإعلان مهم “في أي لحظة”، نقلا عن حساب الشابتين.
ومباشرة بعد نشره، بدأت لقطات شاشة التقطت للمقال، بالانتشار على موقع “إكس”، حيث استشهدت عدة حسابات بالتقرير إلى جانب التقارير التي تفيد بأن تشارلز أو عضو آخر في العائلة المالكة ربما مات.
ونشر حساب يتابعه 22600 متابع: “من المقدر أن الأميرة كيت، أميرة ويلز، وهي عضو في العائلة المالكة في المملكة المتحدة، قد توفيت”.
“التجسس والغموض”
يقول الأستاذ المساعد في علم النفس الاجتماعي بجامعة نوتنغهام، دانييل جولي، إنه بينما نتحدث غالبا عن نظريات المؤامرة من خلال الإشارة إلى الاحتياجات النفسية التي تحققها لأولئك الذين يتداولونها، فإن شائعات أميرة ويلز قوية بشكل خاص “لأنها مسلية أيضا”.
وأضاف: “يبدو الأمر وكأنك في فيلم، وأنت المحقق. عنصري التجسس والغموض في سياق عدم مساواة اقتصادية، ومع فكرة انهيار المجتمعات – يبدو الأمر برمته ممتعا بالنسبة للكثيرين”.
من جهته، ستيفان ليفاندوفسكي، أستاذ علم النفس المعرفي في جامعة بريستول، الذي تركز أبحاثه على انتشار الخرافات والمعلومات الخاطئة: “إحدى المشكلات هي أنك تدخل بعد ذلك في حلقات ردود فعل، حيث يصدقها الكثير من الناس”، تجعل للآخرين سببا لتصديق الأشياء. وفجأة، لمجرد أن الجميع يصدق ذلك، سيقول الناس، لا بد أن يكون هناك بعض الحقيقة في الأمر.
يضيف ليفاندوفسكي: “سوف يهدأ قدر كبير من الجنون الحالي عندما تستأنف الأميرة واجباتها الملكية، غير أنه يشير إلى خطورة انتشار هذه العاصفة من المعلومات المضللة والمزيفة،على وسائل التواصل الاجتماعي “إذ أنها ستجعل من الصعب على نحو متزايد التمييز بين الحقيقة والباطل. وهذا أمر مقلق للغاية على المدى الطويل