أكدت دولة الكويت، الخميس، على موقفها المطالب بالوقف الفوري لإطلاق النار في قطاع غزة وفتح المعابر لوصول المساعدات الإنسانية والإغاثية بالشكل اللازم الذي يناسب حجم المأساة في القطاع.
جاء ذلك في كلمة الكويت أمام الاجتماع الوزاري لحركة عدم الانحياز الـ19 في أوغندا التي ألقاها المندوب الدائم لدولة الكويت لدى الأمم المتحدة رئيس وفد الكويت في الاجتماع السفير طارق البناي.
وشدد البناي في كلمته على رفض الكويت القاطع لأي محاولة تهجير قسري للشعب الفلسطيني خارج أرضه المحتلة، مضيفا «لقد حان الوقت وتقطعت السبل، فلن نعيد ونكرر ما كنا نقوله على مدار الـ56 عاما الماضية وأن ما يقع من قصف وقتل وعنف بشكل وحشي ودام ضد الفلسطينيين من قبل كيان الاحتلال لا مكان له في عالمنا اليوم وذلك أوصلنا إلى مرحلة اللاعودة».
وأكد مجددا أنه «لا طريق للأمام إلا بسلام كامل وشامل من خلال ما تم إقراره والاتفاق عليه من قرارات الشرعية الدولية، بالإضافة إلى مبادرة السلام العربية لعام 2002 وصولا لإقامة دولة فلسطين المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من يونيو للعام 1967».
وأعرب في هذا الإطار عن ترحيب الكويت بالدعوى القضائية التي رفعتها جنوب أفريقيا على الاحتلال الإسرائيلي أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، مؤكدا أن هذا ليس بغريب على الأصدقاء في جنوب أفريقيا، ومستذكرا قول الراحل نيلسون مانديلا «نحن نعلم جيدا بأن حريتنا غير مكتملة دون حرية الفلسطينيين».
واستذكر البناي بالفخر والاعتزاز الدور الفاعل الذي أدته حركة عدم الانحياز على مدى ستة عقود مضت منذ صياغة مبادئ مؤتمر (باندونغ) «وما واجهته الحركة من تحديات وعقبات تجعلنا أكثر عزما على تحقيق ما نصبو إليه جميعا».
وأضاف «دولة الكويت وكما عهدتموها ستكون جامعة وحاضنة وداعمة لكل ما من شأنه أن يسهم في رفعة وازدهار الشعوب في العالم أجمع».
وأشار الى التزام الكويت بمبادئ حركة عدم الانحياز والوقوف بشكل جاد وواضح في وجه كل الانتهاكات السافرة «التي اعتدنا مشاهدتها بشكل يومي في الاراضي الفلسطينية دون وجود رادعٍ لوقفها ومنع حدوثها مستقبلا».
وأكد البناي دعم الكويت الكامل لصمود الشعب الفلسطيني ومقاومته للحرب الهوجاء والعدوان الغاشم من قبل الاحتلال الاسرائيلي وتسخيرها كلماتها ومداخلاتها في كافة المحافل ومن مختلف المنابر وعلى جميع الأصعدة لتبيان الجرائم الجسيمة التي تقوم بها القوة القائمة بالاحتلال.
وتابع: «ليس هناك أمر أحق علينا من الدفاع عن أشقائنا في فلسطين فلقد عانوا ما عانوا وصبروا ما صبروا خلال هذا العدوان الذي تخطى حاجز المئة يوم في ظل صمت حزين للمجتمع الدولي وعجز مجلس الأمن عن الاضطلاع بمسؤولياته والقيام بدوره الرئيسي في حفظ الأمن والسلم الدوليين».
ودعا البناي الى ضرورة إصلاح مجلس الأمن بشكل حقيقي ليتمكن من الاستجابة للتحديات الإقليمية والدولية، مؤكدا أنه لا يجب أن يقتصر الإصلاح على مجلس الأمن فحسب بل يجب أن يشمل جميع الأجهزة والهيئات الأممية بما في ذلك المؤسسات المالية الدولية ليحاكي هذا الإصلاح الشامل الواقع الذي نشهده وما به من تحديات وظروف متغيرة ومتسارعة.
وأشار إلى أهمية هذا الإصلاح خاصة أن أحد أهم وأكبر الاستحقاقات الدولية وهي قمة المستقبل المقرر عقدها في سبتمبر من العام الجاري سيصدر عنها «ميثاق المستقبل» الذي سيصادق عليه رؤساء الدول والحكومات.
وتساءل “متى تكون هناك وقفة حاسمة من قبل المجتمع الدولي لوقف إطلاق النار في غزة والى أي حد سيسمح للكيان المحتل بأن يستمر في انتهاكاته الصارخة للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وميثاق الأمم المتحدة التي أزهقت روح الأطفال وحولتهم الى أشلاء.
وأشار البناي الى استشهاد أكثر من 23 ألف بريء فلسطيني، أكثر من نصفهم من الأطفال والنساء، إضافة الى إصابة ما يفوق 57 ألف من الفلسطينيين العزل وما لحق من تدمير كامل وشامل للبنية التحتية في قطاع غزة على مرأى ومسمع من المجتمع الدولي بأسره.
وذكر بتحذير الكويت من خطورة العدوان الاسرائيلي على قطاع غزة وأن تداعياته ستؤدي الى إلى اضطراب الأمن الإقليمي والدولي، مضيفا «نحن نشهد ما كنا ننبه منه وندعو إلى تجنبه».
ولفت في هذا الاطار الى تبعات العدوان الاسرائيلي على الفلسطينيين في قطاع غزة الذي لم يجد من يقف في وجهه من قبل المجتمع الدولي بشكل حازم وصارم وما أدى اليه من عدم استقرار في منطقة البحر الأحمر وحرية الملاحة فيها.
وأشار إلى بذل الكويت أصدق الجهود لتلبية آمال وتطلعات مبادئ ومقاصد الحركة من تعزيز التعاون بين دول الأعضاء فيها ودفعها لتتبوأ المكانة المأمولة لها بين الدول في ظل ما يشهده المجتمع الدولي من تحديات جسام وازدياد الانقسام.
وشدد على التزام الكويت بالقيم والمبادئ التي تبنتها حركة عدم الانحياز وذلك إيمانا منها بالدور المهم الذي تؤديه الحركة على الصعيد الدولي من أجل تلبية تطلعات وآمال شعوبنا في التنعّم بحياة حرة كريمة يسودها الأمن والازدهار.
ونوه على التزام الكويت بجميع مبادئ حركة عدم الانحياز، مؤكدا «بذل الجهود بما يعزز دور الحركة وتحقيق أهدافها وغايتها وما يواكب تطلعاتنا وآمالنا ويعبر عن آرائنا ومشاغلنا ويجعل الحركة أكثر قدرة وفعالية بما يمكنها من مواجهة التحديات المتسارعة التي تحيط بالساحة الدولية في عالمنا المعاصر».
وأعرب البناي عن تطلع الكويت لأن تسهم حركة عدم الانحياز والتي مر على نشأتها أكثر من 60 عاما بما تحمله من أهداف سامية لتحقيق العدالة والمساواة لكافة شعوب العالم واحترام حقوق الإنسان وتعزيز الشراكة الدولية.
وأعرب عن شكره لرئاسة الحركة السابقة لجمهورية أذربيجان خلال الأعوام الأربع الماضية وحسن إدارتها لاجتماعات الحركة على كافة الأصعدة.
كما أعرب عن التطلع لأن تسهم الرئاسة الأوغندية للحركة في دعم ركائز الحركة الخمس المتمثلة بالأمن والسلم الإقليمي والدولي والحرب الدولية على الإرهاب والهجرة الدولية والأزمات الإنسانية والإتجار بالبشر وتهريب المخدرات، بالإضافة إلى أجندة 2030 وأهداف التنمية المستدامة.
ومن المقرر أن ترأس أوغندا القمة الـ19 لحركة عدم الانحياز في ضوء رئاستها للحركة خلال الفترة من 2024 إلى 2027 عقب انتهاء فترة رئاسة أذربيجان.
وسيمثل السفير البناي دولة الكويت في قمة عدم الانحياز التي ستعقد أعمالها يومي 19 و20 يناير الجاري وكذلك قمة الجنوب الثالثة لمجموعة الـ77 والصين التي ستعقد أعمالها يومي 21 و22 يناير الجاري.